المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠٢٠
المرآة وسؤال الذات لماذا المرآة؟ هل كان جان جينيه على حق بجعلنا محبوسين في متاهة من المرايا تضاعف صورنا وتعزلنا عن الآخرين؟ الآن وسط ما يحدث في العالم   هل تعني لكم ثيمة المرآة شيئاً؟   إن العالم مرآة، بل إذا شئتم كل شيء هو مرآة. ، غضب الريح وجموحها، تفتح الخمائل والينابيع، صقيع أيام الشتاء، التغيرات القاسية التي تتجلى بسقوط ورقة ونمو أخرى أليست مرآة للنفس! مالذي يكشف لنا عنه زهو   " نرسيس" ؟ إنه معجب بجماله ، لم يره أنسان أو إله دون أن يفتن به، كان يزداد بهاءً كلما تقدم في العمر؛ وكان مدركاً لجماله وإطلالته الجذابة،   يصدّهم جميعا ذكورا وإناثاً، لم يكن يعرف الحب، لم يكن يقيم للعواطف وزناُ!   نرسيس مغرم بنفسه، منغلق عليها، لذا ستعاقبه أفر وديت   بالغرق وهو يحدق في صورته.   لذا فإن السؤال الذي تطرحه الذات هو   التردد بين انغلاقها وبين توقها للآخر! فالتوق للآخر طريق معرفة الذات بالمعنى الصوفيّ لا المعنى الأناني الذي يجد تجسيده في فلسفة   سارتر! يا مرآتي هل هناك أجمل مني؟    "تتساءل ملك القادري" إنّ القسوة هنا ليست خياراً فحين تعاكسنا الحياة تغدو آمال
حب دائري 1 وقفت زينة   أمام المرآة وقد لبست   فستانها البني   الذي أظهر جمال فخذيها المصقولتين . وضعت   أحمر شفاه بلون الكرز فوق شفتيها الناضجتين . ثم تابعت نظراتها المحتارة   جسدها من الأسفل إلى الأعلى عكست   المرآة التي   توسطها   شق طولي نظراتها القلقة .   وكان على عقلها أن   يبذل جهداً ليجمع جانبي وجهها لأن الصورة في المرآة   مشطورة . انقسم القلق إلى قلقين حين هبت نسمة باردة من النافذة .   هذا لقاءهما الرابع عشر ولم تحرك   أنوثتها بحيرات عينيه الساكنة ،ويبدو أنها لن تفعل ففي لقاءهما الماضي   جلست في الجانب البارد من الطاولة بينما   جلس بجانب جهاز التدفئة   ، كان يحدثها عن جميلة ورغبته   فيها كانت أحاديثه أشبه بقصيدة   بدوي عامرة بأصناف الشوق والعذاب والشكوى .لقاءاتها معه صارت تدريباً يومياً على الصبر . هل أنت مضطرة لتحمل ترهاته ؟ ( سألها شيطانها ) أجابت بكلمة : لا .   توقفت لثانية   قبل أن تحمل حقيبتها ثم ألقت معطفها الطويل فوق كتفيها   وبينما   تضع   القفل في الباب رمت كلمتين مثلما يرمى لاعب   أحجار نرد :    بائسة من تحب شاعراً . 2 الريح الضجرة في الغرفة تلقفت
ألعاب العمر المتقدم " أخيل وراء السلحفاة " بعض الروايات تشبه المدن يمكنك الدخول إليها من أي بوابة تشاء،   وثمة روايات أخرى تشبه الكون وهو كون مفتوح بحسب القراءة الهرمسية للنصوص بحيث تتسع الرواية لمختلف التأويلات،   ومن الصعب الإحاطة بالمعاني التي تنطوي عليها رواية العاب العمر المتقدم للويس لانديرو، الصادرة عام 2017 عن دار حمد بن خليفة للنشر ترجمة صالح علماني.   فهي تروي عبر قصة رجل تجاوز الأربعين يدعى غريغوريو أورلياس، وهو موظف في مكتب رث لشحن الأنبذة والزيتون،   تقدم الإنسان عبر دروب اللامعقول،   وعجزه أمام انفراط عقد الحاضر، حيث تعلن   دقات الساعة   بما يشبه التهديد عن تبدد اللحظات الماضية ولا يتوصل الكائن إلاّ إلى تركيب حلم قد رآه . حتى الكلمات تتحلل وهي تجهد لتلتئم حول مغزى،   وهذه هي طريقة اللامعقول في ترتيب المعنى والأشياء.   فغريغوريو أولياس يجد نفسه منخرطاً فجأة على مدى سنوات في مكالمات هاتفية   يدعي فيها أنه فنان ملاحق وذو شأن عظيم وهو يطلق على نفسه أسم فاروني.   ويبدأ في تقديم الأخبار لرجل بائس في الريف يدعى خيل   الذي يجد عزاءه في أخبار التقدم والفن وا
بيت روبنس كروزو عالم تحرسه الإلفة.. سوف أرى بيوتكم كيراعات في فجواتِ التلال هيلين مورانج هل تعلمين أنني حين أكون في المدينة أشعر بالخوف من العواصف بالليل. إذ تبدو لي بشموخها الكونيّ وكأنَّها لا ترانا، ولكنَّها ترى بيتاً وحيداً في الريف، تحتضنه هذه العاصفة بأذرعِها وتعلِّمه كيف يواجه الصعوبات ((ريلكه)) ********************************** في رسالة للرسام فنسنت فان كوخ إلى أخيه ثيو قال فيها: أنّ علينا أن نستعيد جزءاً من الشخصَّية الأصليَّة لروبنسون كروزو " وذلك يعني، أن نعيد خلق كل شيء بأنفسنا".   يمنح دانيال ديفو في _رواية روبنسون كروزو_ للمتلقي القدرة على معايشة حميميَّة البيت فيرسم صورة تتمتع بليونة "حلم يقظة" فبإمكاننا أن نبنيه فوق الأغصان المتينة- كالعش في قلب الشجرة، ويمنحنا بيته أماناً مضاعفاً، كما يَهِبُنا القدرة على البدء من جديد "لقد صنعتُ شموعاً، وكتبتُ مذكراتي، ونحتُّ أواني الطعام". إنّ توقَ فان كوغ لهذا البيت يعيدنا إلى البهجة الطفولية، ويكشف عن صياغة متجددة وجذريَّة للعالم، تتوخى بناء علاقةٍ جديدة معه بعد أن حَرَمَنا التطور
كارلوس زافون ظل الريح-لعبة الملاك-سجين السماء -كيف يمكن لنا أنْ نخرج من هنا؟ -بطريقة وحيدة، أن نخرجَ أمواتاً ...................................... إذا أقنعنا الأحياء بعدم جواز النبش في الماضي، فمن يضمنُ ألا يبعث الأخير رُسُله إلينا!        من المستقبل، من برشلونة الغارقة في الصمت وتحديداً العام 1950 ، وبقلم فيكتور هوغو ينسج كارلوس زافون حكايته.   تبدأ   السطور الأولى في " ظل الريح" من حدثٍ سريّ، " مقبرة الكتب " التي تُحفظ فيها الكتب التي لم تصل إليها يدُ التزوير. هذه الكتب ملعونة فبمجرد وضع اليد عليها سُيخرَقُ عقد وقعّته المدينة مع الخوف. عقدٌ هو (الصمتْ)، "وعندما وصل السلام أخيراً، كئيباً كشحوب المقابر، لم تعد هناك أياد أو نظرات بريئة. ومنذ ذلك الحين غرقنا في ضباب الصمت ".   لكنّ هذا الكتمان لن يدوم، وعندما يحين الوقت تَخرِقُ البيوت العهدَ وتفشي الأسرار (على طريقة إدغار آلان بو الكابوسية) في العام   1920 احترقت برشلونة بنيران الحرب الأهلية ، غُيِبَ الآلاف في قلعة مونتويك وماتوا في المعتقلات. فُقِد الأحباء وترملت الزوجات.   بعد 30 عا
من أنا؟   كي لا أموت.. طمعاً بعدالة الموت.. أكتب فجراً...   أقرأ ريتسوس أرتل بيتاً   لدرويش حين أعدّ الشاي أشغل الكاسيت على قصيدة لأمل دنقل أرش الزوايا بالملح و الشعر... أعلق صورة للسيّاب فوق سريري. وعلى الباب ألصق وجه بودلير المتخيل هذه تعاويذي لطرد الموت... مكتبتي تحيطني من الجهاتِ الأربع   لكنّ النافذة مفتوحة وحزني عميق   والموت يأتي مع الريح أو على محفة الحزن والذكريات.... أحصن نفسي بالكلمات.... سيسمع الموت أسماء الخالدين...فيستحي مني.. لكني ...أفكر في الأشياء... الأشياء غير المكتملة كراساتهم الصغيرة.. فناجين القهوة الباردة... وساعات الشاي وقت الظهيرة.. النزوات المبتورة.. السنين الضائعة قصص الحب التي لم تنته... والشفاه التي رققها الزمن... أقول: طمعاً بعدالته سأقرأ. أقرأ الأوديسة .. وأتجنب جلجامش الذي تحداه.. لكنّ الموت يقترب... يعبر قرب النافذة...   وبتهذيبِ رجل نبيلٍ يتجاهلني.. يطرق الأبواب تباعاً.. طمعاً بعدالة الموت أتظاهر بالكتابة ياموت لم أكمل قصيدتي أشُعِل   سيجارة. إنّه يصعد الدرج و أفكر ...
بئر يوسف العزلة المُغوِّيَة يقول رجل ما: أشعر بالبرد،   وقد لا يقول رجل آخر أي شيء. ولكننا نراه يرتجف وسنعرف حينها أنه يشعر بالبرد.   ولكن ماذا عن الرجل الذي لا يقول شيئاً ولا يرتجف؟ تُعتبر العزلة -هذا القلق المحلولُ الوثاق- شرط الإبداع ومَنبِع الفرادة. وهي الخاصيّة المشتركة بين السرود الدينية والأدبية. في كليهما نعثر على مرويّات تُعلي من قيمة العزلة وتجعلها مرحلة أوليّة لتقبل الرسالة الالهيّة وللتخلق الجديد. لا ينظر علم النفس إلى العزلة بإيجابيّة، فهي حيلة نفسّية، ودليل اضطرابٍ عقليِّ وتدهورٍ نفسي. لكن الخيوط تفلت من علم النفس حين نكون في مجال الإبداع؟ وهو الحالة الوحيدة التي لم يستطع الإمساك بها لفرادتها وصعوبة تفسيرها. وعلى النقيض يعتبر كونديرا أن "العزلة هي القيمة الاثمن"، فهي على العكس مما أُريد لنا أن نظن، لذا تحاول الجماعة ذات الحضور المهيمن تحطيمها.   في الجزء الثاني من سفر الملوك، نعثر على الحكاية التالية: "يعتزل يونان في بطن الحوت ويونان هو نبي، يأمره الرب بأن يخلّص أبناء مدينته من وثنيتهم. لذا يعصي أوامر الرّب و يهرب صوب البحر فيبتلعه الحوت
عن الكون كلعبة .. فدوى العبود قبل أربعة عشر شهراً من وفاته، كتب أينشتاين في خطابه إلى العالم الفيزيائيّ الأميركيّ ديفيد بوم: "إذا كان الله قد خلق العالم، فأنا على يقين بأنّ أولى أولوياته لم تكن أن يسهل علينا فهمه".   لكن الخيال والحدس، وهما العصب الرئيس للعلم والأدب يجمحان في طرق جعلت أيلون ماسك يقول " بأننا لا نعيش في عالم حقيقي على الإطلاق ". أي نحن مجرد كائنات افتراضية. فكرة في خيال الله أو محاكاة حاسوبية .   لا يمكننا إثبات أننا لسنا جزء من لعبة؟ هذا ما طرحته زهرة دافودي العالمة في معهد ماستشوستس للتقنية، وهذا معناه أن تفاحة   العالم تحوي في جوهرها على جرثومة العبث. وإن جديّته التي حاول اينشتاين العثور عليها وهم، فهو يكتب لماكس بورن: أناعلى يقين تام بأن الله لا يلعب النرد. يرد الأخير بإصرار " العبث والعشوائية هي أساس الكون " فيما بعد تساءل كونديرا: عمّا إذا كان من الممكن للقرارات الإنسانية المصيريِّة المتعلِّقة بالحب والحرب أن تكون متجذِّرة في حماقة؟ وانتهى في آخر أعماله إلى اعتبار الحياة   " حفلة تفاهة " في هذه الرواية التي تظهر