المشاركات

صورة
  هناك لذّة في الغابات المعدومةِ السُبل (جسور مقاطعة ماديسون) فدوى العبود مجلة الشبكة العراقية /العدد 399 ******** لو قررنا فتح صندوق الماضي فما الذي سنعثر عليه؟ هل نبقي أسراره طي الكتمان وكأنها لعنات باندورا أم نبحث فيه عن حكمة تنقذ حاضرنا؟ وهل يشكل المال كل ميراثنا؟ أم أن الميراث الحقيقي شيء آخر؟ هذه الأسئلة وغيرها تدور في ذهن المشاهد لـــــــــ فيلم “جسور مقاطعة ماديسون”، الفيلم هو دراما رومانسية عن رواية الكاتب الأميركي روبرت جيمس والر من إخراج وإنتاج وبطولة كلينت إيستوود في دور روبرت كينكايد وميريل ستريب عن دور فرانشيسكا جونسون. تصور الرواية الصراع العميق بين الحب والواجب، بين قيم الأنا وقيم العائلة، إنها رواية عن الشوق العارم والحيرة العميقة بين ما عشناه وما نرغب أن نعيشه، بين ما اخترناه وما اختارنا. يبدأ الفيلم بمشهد الابن والابنة في حالة صدمة أمام صندوق الأم الذي يحتوي مذكراتها ووصيتها الأخيرة بأن تحرق جثتها وينثر رمادها فوق أحد جسور مقاطعة ماديسون. هذه الرغبة –التي تخالف تقاليد الكنيسة التي تتبعها العائلة-تلقى معارضة شديدة منهما ويعتقدان أنها نتيجة لحظة خرف، لكن الصور والمذكرا
  عندما يبتكر الكتاب قارئه! ********** كل كتاب موجه لقارئ! سأل أيهاب حسن مرة عمّا إذا كان لا يزال هناك قراء أساسيون. قرّاء تكون بعض الأعمال الأدبية بالنسبة لهم مصيريّة بشكل بات؟ هل يشكل الأدب مصيراً. وأيّ مصير هو؟ اللحظة الأولى في القراءة، أول كتاب نلتقيه صدفة، كأن نعثر عليه منسيًّا في مكان ما، فوق الرّف، أو في خزانة الثياب، وربما عند مفترق الطرق! نمدّ يدنا عشوائياً نحوه، أو نرثه من مكتبة العائلة لا فرق! إن لحظة العثور عليه تبدو كقدر، هناك شخص قبلنا حظي بفرصة اللقاء به، لمسه أو تصفحه، لكنه لم يثر لديه أي فضول، ولم يمنحه أي عزاء. لم يؤجج لديه الرغبة، ولم يطلعه على سره. هذا العالم مكتبة كبيرة، كل يبحث عن كتاب يخصه، وليست القداسة والإباحية والجنون سوى نصوص نكتبها وتكتبنا! إن مكتبة الطفولة تؤسس قارئ المستقبل، القصص المصورة ميكي ماوس، قصص الحب الرومانتيكية روايات بحجم الكف، مدفأة وشاي ساخن! كيف سيكون قارئ لم يصادف هذه المنح السماويّة! الاكيد أن قارئًا يجلس في مكان آمن بجانب موقد النار في الشتاء ومعدة ممتلئة سيقرأ بطريقة مختلفة عن كائن جائع وبردان. ومن يكتب في بيته ليس كمن يفاوض العراء! كت
  الهجران لـــ "ســـــــومـــر شـــحــــــــادة" الكتابـــــــة تحت عـــــلامة الفـــــقد توضع رواية "الهجران" وهي العمل الثاني للروائي السوري سومر شحادة تحت علامة الفقد . فقد تخلصت من العنف والمعارك الدائرة والحوارات التقريرية التي أرهقت كاهل -الرواية الأولى للكاتب-"حقول الذرة"   ولسنا في موضع مقارنة هنا، لكن وبما أن لكل كاتب ميتافيزيقاه ومطلقه الذي يعتبر من شواغل حياته الكتابيّة والإبداعّية؛ سنبحث في فضاء النص عن الهاجس الذي تتحرك من خلاله الشخوص وتُحاك عبره الحكاية. فالهجران" تبدأ زمنياً " 2017-2019 بعد خفوت صوت المعارك، وهذا لا يعني أن الحرب انتهت! وهي تدور حول علاقة حب (بين زياد الذي يعيش مع والدته الأرملة وجوري الشابّة التي تغرم برسام ستيني عائد للبلد للبحث عن مجد ضائع) تتفرع لاحقاً إلى حكايات فرعية. (عبد الله شقيق جوري الذي ينتحر بعد أن خذلته حبيبته إثر عودته من جبهات القتال. والد زياد الذي تخلى عن عزيزة ومات من أجل القضية. وبما أن الرغبة بالشيء ليست هي الشيء نفسه.   والمعرفة ليست العارف. فإن حب زياد لجوري، لا يتجاوز كونه تعوي
صورة
  النـــــــظر مــــــــــن ثقــــــــب باربـــــــوس قراءة في كتاب "القصص" سيد الوكيل     كانت الوردة اسماً ونحن لا نمسك إلاّ الأسماء امبرتو ايكو *****   مالذي يهمّنا في الفن ومالذي نرومه من الكتابة؟ أن نستعيد حدّة مشاعرنا التي قلّمها التكرار. أم اختبار طرق الحياة والتفافاتها المدوِّخة دون أن نحرك القدمين؟ الحياة ولد أرعن طائش، ونحن بالغون جداً على الركض خلفه؛ ولكن يمكننا إغراءه بقطعة حلوى. وإذا كان الفن إغراءً فإن بإمكانه أيضاً أن يظهر لنا ما يستبد بالمرء حين يكتب أو يبدع. وهذا ما يقدمه لنا النص وحده دون غيره. في كتاب "القصص" وفي مجمل التجربة الأدبيّة للكاتب والناقد المصري سيد الوكيل . نعثر على الطفل الذي يحاول استيعاب الفوضى، (فوضى العالم، فوضى الزمن) لكنها الفوضى الجماليّة، وهو في نصوصه أشبه ببطل هنري باربوس الذي يحدق من ثقب في الجدار. وإذا كان الأخير غارقاً في العدم واللانتماء يصف الحواف الحادة الجارحة للحب والحياة والعلاقات. فإن الأول يجابه كل ذلك من خلال الذاكرة. عبر نصوص تحمل أسماء أبط
صورة
  مــــــــــا لا يُســـــــــــــترَد موريس بلانشو إلى ما ليس له وجود إلى مالم يعد له وجود ********* إنّ الدخول إلى نص موريس بلانشو (1907- 2003) "كتابة الفاجعة" يشبه السير فوق أرض زلقة، فالطمأنينة هنا ربان أعمى .   كتب تشيزاري بافيزي مرة " أن الأفضل من إغماض العينين هو التحديق في الهاوية وقياس عمقها ثم النزول إليها " وهذا ما ينطبق على قراءة نص موريس بلانشو بحيث تكون اللاطمأنينة هي البصيرة التي يحتاجها قارئ مغامر ونموذجي قادر على أن يمحو ذاته في النص بسخاء متبادل مع الكاتب الذي يمحو ذاته في الوجود ؛ ويقدر على الدوران كالدرويش متحرراً من جاذبية المعنى ومحطماً التسلسل والسياق في الخطاب المعرفي المألوف . وكما تحدث “ الكتابة بألم فالقراءة تكون بألم أيضاً “. من تصدع وإدراك حاد بالغياب تبدأ الكتابة ، فهي وعي التبدد والزوال . “ فنحن لا نكتب للاكتمال بل نكتب من نقص وغياب وفاجعة، نكتب ملاحقين ما يحتجب ".     إن الطفل الذي كناه يدرك لحظة الغياب بوضوح، إنه الطفل الذي يزيح الستارة وينظر إلى ملعب طفولته الفارغ من أصدقائه فيدرك فجيعته . يبدو الفن حسب بل